أضحت وسائل التواصل
الاجتماعي في المجتمعات الانسانية وسيلة للمعرفة والتسلية
فأدمنت عليها الفئات العمرية المختلفة لدرجة تناسيها وتجاهلها لما يحيط بها، ووصل هذا الإدمان إلى العاملين في القطاع العام فأصبح الموظفون يجدون فيها باباً للتسلية، متناسين بسلوكاته هذه قيمة العمل ومخلين بواجباتهم الوظيفية .
«أكثر ما أدهشني عندما دخلت إلى مكتب أحد المدراء، وهالني منظره محدقا في جهاز الحاسوب، ليس لأداء عمله، وإنما لممارسة بعض الألعاب الأكترونية ، مما يؤثر سلبا على عملية الإنتاج ويهدر وقته ووقت المراجعين،هذا إلى جانب، ما قاله احد مراجعي إحدى الدوائر الحكومية عن قيام بعض الموظفين باضاعة الوقت في التواصل مع الأصدقاء والرد على تعليقاتهم» .
وكانت مجموعة المرشدين العرب أجرت دراسة مسحية لمستخدمي الهواتف الذكية وتطبيقات الهاتف المحمول في الأردن في شباط 2015 ، بينت أن 89% من مستخدمي الهواتف الذكية في الاردن يستخدمون تطبيقات الهاتف المحمول، وأن 98 % من مستخدمي تطبيقات الهاتف الخلوي يقومون باستخدام تطبيقات الرسائل و 86% يقومون باستخدام تطبيقات التواصل
الاجتماعي على أجهزتهم النقالة الذكية.
وتشعر نبيلة الموظفة في احدى المؤسسات الحكومية بوجود فراغ كبير في أوقات العمل، لغياب آلية واضحة وعادلة في توزيع المهام، مما دفعها الى قضاء ساعات طويلة في استخدام مواقع التواصل
الاجتماعي .
ومع إيمانها بتأثير مثل هذه الممارسات على العمل والأداء الوظيفي، ونوعية الخدمات المقدمة للجمهور، إلا أنها تؤكد أن المسؤولية تقع على المدراء الذين عليهم تحفيز الموظفين على العمل.
يقول مصطفى خليل الموظف في شركة خاصة «اقضي ساعات العمل بإنجاز الأعمال المكلف بها، وفي أحيان كثيرة أنهي بعض هذه المهام في البيت ، ولا أجد وقتا لاستخدام مثل هذه الوسائل،إذ أن استخدامي لمواقع التواصل
الاجتماعي في وقت العمل تكاد تكون محدودة « .
بالرغم من الاستخدام الملحوظ لمواقع التواصل
الاجتماعي في أوقات العمل الرسمي،إلا أنه لا يوجد دراسات تركز على هذه الجزئية تحديداً ،حيث تتجه أغلب الدراسات في الاردن الى الاهتمام بكمية الاتصالات بشكل عام بحسب مدير الدراسات والبحوث في مجموعة المرشدين العرب محمد الشوا .
وتشير دراسة متخصصة أن حوالي 51% من الموظفين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25- 34 عاماً يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، أثناء العمل مما يؤدى إلى ضعف الإنتاجية وتكبد المؤسسة الكثير من الخسائر.
ويرى عميد كلية ادارة الاعمال في الجامعة الاردنية الدكتور زعبي الزعبي، ان استخدام مواقع التواصل
الاجتماعي أثناء العمل يؤثر على الانتاجية ، خصوصاً اذا استخدمت بشكل مفرد.
ويؤكد الزعبي وجود ايجابيات كثيرة لاستخدامها خارج أوقات العمل الرسمي ، فمثلاً في كلية الاعمال في الجامعة أصبح استخدامها الآن عبارة عن نظام حديث في التواصل مع الموظفين والطلبة ، خصوصا أن عدد طلبتها يتجاوز 8 الاف طالب، يتم التواصل معهم عبر موقع الكلية الذي أصبح نظاماً فعالاً للاتصال ونشر المعلومات والاعلانات للطلبة والموظفين خصوصاً في اوقات الازمات .
ويقول «إن الايجابية الاخرى لهذه التكنولوجيا انها تعزز مبدأ الشفافية والتواصل لمعرفة ما يحصل بالكلية أو الدائرة او المؤسسة مقارنة بالماضي حيث يحصل الموظف على المعلومة من مندوب اللجنة في الاجتماعات ، وقد تصل الرسالة في احيان كثيرة بصورة غير واضحة» .
ويبين الزعبي أهمية التغذية الراجعة التي تحصل عليها الكلية أو أي مؤسسة عبر هذه المواقع من خلال طرح ردود الافعال وإبداء الآراء والأفكار التي لم تكن موجودة في الماضي .
اما الاستخدام الفردي والمفرط لهذه الوسائل أثناء الدوام الرسمي ،فأنه يضر بالإنتاجية خصوصاً إذا جلس الموظف أمام شاشة الكمبيوتر لساعات طويلة ، ويمكن معالجة هذا السلوك بتقنين الاستخدام ، وهذا ما فعلناه في الكلية حيث تم العمل على رصد الوقت الذي يقضيه عضو هيئة التدريس أو الموظف على أجهزة الكلية في عملية التواصل
الاجتماعي .
ويشير الزعبي الى أنه لا يمكن منع الموظف من استخدام وسائل التواصل
الاجتماعي لأنه يقتني جهازه الخاص ، وأن الامر يعتمد على أن الموظف غير المحفز للعمل ينظر للتواصل
الاجتماعي كطريقة لتمضية الوقت، بعكس المحفز الذي يرى بهذه الوسيلة طريقة للتواصل مع الموظفين لخدمة العمل والمصلحة العامة .
ويؤكد ان التكنولوجيا ليست عذراً للتقاعس عن العمل واستخدام مواقع التواصل
الاجتماعي لها ايجابيات كثيرة في بيئة العمل، إذ يجب تعزيز الجانب الايجابي ، ونشر الوعي بين الموظفين واخذ التدابير الادارية اللازمة في استغلال ساعات العمل الرسمية،لافتا ان الاستخدام الشخصي لمواقع التواصل
الاجتماعي لوقت طويل يؤثر على مصلحة العمل وانتاجيته .
ويبين الزعبي ان هناك ميزة لاستخدام مواقع التواصل
الاجتماعي وبالذات في الجامعات فهي تعكس التغذية الراجعة للآراء المطروحة من قرارات واعلانات ويستطيع كل طالب وموظف ان يقدم وجهة نظره الخاصة .
ويشير لبحث عن التواصل
الاجتماعي اجرى في كلية الاعمال في الجامعة الاردنية حيث اظهرت الاحصائيات عن سؤال « اثر استخدام الانترنت في البنوك « الى زيادة الفعالية والكفاءة لتصل الى 73% في استخدام التقنية وسائل التواصل الاجتماع مع العملاء في قطاع البنوك باعتبار ان هذا القطاع منظم اكثر من القطاعات الاخرى الامر الذي سهل عملية اجراء دراسة علمية .
ويؤكد الدكتور الزعبي أننا لا نستطيع الوقوف أمام المد الجارف من المعلومات والتواصل ويجب ان نتأقلم معه بميثاق يخدم الدائرة حسب سياقها .(بترا)
إضافة رد
مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت باباً للتسلية لدى الموظفين 
إقتباس
