فضائيات| مكتبة الدريم بوكس | مركز رفع الصور | فضائيات نيوز
تعليم الفوتوشوب



العودة   الإبداع الفضائي > >

المواضيع الإسلامية قسم يهتم بالدين الإسلامي على منهج أهل السنة والجماعة ويمنع إهانة بقية المذاهب

من أخلاقنا الجميلة: الأمانة

الأمانة: هي كل ما ائتمن الله عز وجل الإنسان عليه، من أمر ونهي لإصلاح الدنيا والآخرة.. يقول الله تعالى: ﴿إنَّا عّرّضًنّا الأّمّانّةّ عّلّى السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ وّالًجٌبّالٌ فّأّبّيًنّ أّن يّحًمٌلًنّهّا وّأّشًفّقًنّ

 
LinkBack أدوات الموضوع
  #1  
عضو نشيط

 

افتراضي من أخلاقنا الجميلة: الأمانة

الأمانة: هي كل ما ائتمن الله عز وجل الإنسان عليه، من أمر ونهي لإصلاح الدنيا والآخرة.. يقول الله تعالى: ﴿إنَّا عّرّضًنّا الأّمّانّةّ عّلّى السَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ وّالًجٌبّالٌ فّأّبّيًنّ أّن يّحًمٌلًنّهّا وّأّشًفّقًنّ مٌنًهّا وّحّمّلّهّا الإنسّانٍ إنَّهٍ كّانّ ظّلٍومْا جّهٍولاْ﴾ (الأحزاب: 72).



يقول القرطبي: "الأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال وهو قول الجمهور"(1).



ويقول الله تعالى: ﴿إنَّ اللَّهّ يّأًمٍرٍكٍمً أّن تٍؤّدٍَوا الأّمّانّاتٌ إلّى أّهًلٌهّا وّإذّا حّكّمًتٍم بّيًنّ النَّاسٌ أّن تّحًكٍمٍوا بٌالًعّدًلٌ إنَّ اللَّهّ نٌعٌمَّا يّعٌظٍكٍم بٌهٌ إنَّ اللَّهّ كّانّ سّمٌيعْا بّصٌيرْا}﴾ (النساء: 58).



يقول صاحب الظلال رحمه الله: "هذه هي تكاليف الجماعة المسلمة، وهذا هو خلقها: أداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بين الناس بالعدل، على منهج الله وتعليمه، والأمانات تبدأ من الأمانة الكبرى.. الأمانة التي ناط الله بها فطرة الإنسان؟ والتي أبت السماوات والأرض الجبال أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان.. أمانة الهداية والمعرفة والإيمان بالله عن قصد وإرادة وجهد واتجاه، فهذه أمانة الفطرة الإنسانية خاصة، فكل ما عدا الإنسان ألهمه ربه الإيمان به، والاهتداء إليه ومعرفته، وعبادته، وطاعته، وألزمه طاعة ناموسه بغير جهد منه ولا قصد ولا إرادة ولا اتجاه، والإنسان وحده هو الذي وُكِل إلى فطرته، وإلى عقله وإلى معرفته... وهذه أمانة حَمَلها، وعليه أن يؤديها أول ما يؤدي من الأمانات، ومن هذه الأمانات: أمانة التعامل مع الناس، أمانة المعاملات والودائع المالية، وأمانة النصيحة للراعي وللرعية، وأمانة القيام على الأطفال الناشئة، وأمانة المحافظة على حرمات الجماعة وأموالها وثغراتها.. وسائر ما يجلوه المنهج الرباني من الواجبات والتكاليف في كل مجال الحياة على وجه الإجمال، فهذه من الأمانات التي يأمر الله أن تُؤدى؛ ويجملها النص هذا الإجمال" (2).



ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتاب خلق المسلم(3): "والأمانة في نظر الشارع واسعة الدلالة، وهي ترمز إلى معانٍ شتى، مناطها جميعًا شعور المرء بتبعته في كل أمر يوكل إليه، وإدراكه الجازم بأنه مسئول أمام ربه، على النحو الذي فصله الحديث الشريف: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته؛ فالإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسئول عن رعيته" (4).



والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على هذا المعنى بقوله: "أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تخن من خانك" (5).



ونلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن خيانة الذين يخونوننا، أي إن اقتُراف جريمة الخيانة من قِبَل الآخرين لا يسوغ لنا خيانتهم؛ فالخيانة ليست من الاعتداءات التي تقابل بالمثل، إن الخائن يضمَّن، وقد يعزّر، وقد نحرمه ثقتنا وتقديرنا الاجتماعي، لكن لا يجب أن نخونه إذا هو ائتمننا.



وفي حديث آخر يقرر صلى الله عليه وسلم أن الأمانة شرط للدين والصلاة والزكاة، أي لقبولها، قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة له، ولا زكاة له" (6).



والأمانة واجبة للمسلمين وغير المسلمين، وللأبرار والفجار، وهذه هي السمة الإنسانية العامة لنظام الأخلاق في الإسلام، بعكس اليهود؛ فكانوا يوجبون الأمانة لليهود ويستحلون خيانة الأمانة مع غيرهم، ويقولون كما سجل القرآن الكريم على لسانهم: ﴿لَيْسّ عّلّيًنّا في الأٍمٌَيٌَينّ سّبٌيلِ﴾ (آل عمران: من الآية 75)، أي لا حرج عليهم في خيانة العرب، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كذّبهم وقال: "كذب أعداء الله، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدميّ هاتين، إلا الأمانة فإنها مؤدّاة إلى البرِّ والفاجر" (7).



وكثير من الناس يحصرون الأمانة في أضيق معانيها وحدودها، فيرونها قيام الإنسان بحفظ ما يودع لديه من مال، فإن وفَّاه صاحبه كان أمينًا، وإن أنكره وتلاعب به كان خائنًا، وهذا، وإن كان من معاني الأمانة، إلا أنه في الواقع أضيق حدودها(8).



والأمانة أشمل من ذلك بكثير، وهي القيام بجميع التكاليف والالتزامات الاجتماعية والأخلاقية.



من صور الأمانة

1- في تولي المناصب والوظائف العامة

فقد روي عن أبي ذرّ رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: «يا أبا ذر: إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها»(9).






وحذر الإسلام أن يتولى العمل إنسان وهناك من هو أفضل منه وأقدر على أدائه(10).

ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين" (11).



ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم: "من ولي من أمر المسلمين شيئًا فأمَّر عليهم أحدًا محاباةً فعليه لعنة الله، لا يُقبل منه صرف ولا عدل، حتى يدخله جهنم" (12).




د. جمال نصار

بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعد إسناد الأمور لغير المؤهلين لها تضييعًا للأمانة ينذر بقيام الساعة، فقد جاء رجل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى تقوم الساعة؟ فقال له: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة! فقال: وكيف إضاعتها؟! قال: إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة" (13).



وعلى هذا فكل عمل له مؤهلاته الخاصة به، ولا يُكتفى بعنصر التقوى والورع لتولي مهام الأمة!! بل لا بد من توافر شرطي القوة والأمانة، فشرط القوة يمثله المؤهلات العلمية والبدنية، والعقلية التي تجيد الابتكار والإبداع، وحسن التخطيط والتنظيم، وشرط الأمانة يمثله الجانب الخلقي الخاص بتقوى الله عز وجل، ألا ترى إلى يوسف الصديق أنه لم يرشح نفسه لإدارة شئون المال بنبوته وتقواه فحسب، بل بحفظه وعلمه أيضًا؟!(14).



وقد نفّذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه هذا الأمر بكل دقة، فلم يولّوا أحدًا من الناس أيَّ عمل من الأعمال إلا وهو كفء له، فوضعوا كل إنسان في مكانه المناسب(15).



2- من الأمانة إتقان العمل وإجادته

من معاني الأمانة أن يحرص المرء على أداء واجبه كاملاً في العمل الذي يناط به، وأن يستنفد جهده في إبلاغه تمام الإحسان، أجل.. إنها لأمانة يمجِّدها الإسلام، أن يخلص الرجل لشغله وأن يُعنى بإجادته، وأن يسهر على حقوق الناس التي وضعت بين يديه؛ فإن استهانة الفرد بما كلف به- وإن كان تافهًا- تستتبع شيوع التفريط في حياة الجماعة كلها، ثم استشراء الفساد في كيان الأمة وتداعيه برمته، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به، طيِّبةً نفسُه، أحد المتصدقين" (16).



أما إذا استغل العامل عمله أو وظيفته استغلالاً سيئًا، فإنه لا يجني من وراء ذلك إلا الإثم والهلاك(17).



يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استعملناه على عمل، فرزقناه رزقًا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" (18) أي: حرام، أي: ليس أسوأ وأعظم خيانة من رجل تولى أمور الناس فنام عنها حتى أضاعها.



3- الرعيَّة أمانة

فالراعي الأمين على رعيته هو الذي يتقي الله فيهم، ويأخذ بأيديهم إلى الله، ويذكِّرهم به، ويُشعرهم برقابته، ويأمرهم بالمعروف ويأتمر به فيهم، وينهاهم عن المنكر وينتهي عن المنكر فيهم، ويقيم العدل فيهم، ويكون على وَجَلٍ من الله عز وجل..



يقول عبد الرحمن بن عوف: قَدِمت رفقة من التجار نزلوا المصلى فقال لي عمر: هل لك أن تحرسهم الليلة؟ فباتا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما، فسمع عمر بكاء صبي، فتوجه نحوه فقال لأمه: اتقى وأحسني إلى الصبي، ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه، فعاد إلى أمه، فقال: اتقى الله وأحسني إلى صبيِّك، ثم عاد إلى مكانه، فلما كان آخر الليل سمع بكاءه فأتى أمه، فقال: ويحك!! لأراك أم سوء، ما لي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة؟! قالت: يا عبد الله قد أبرمني منذ الليلة (أي أضجرني) إني أريخه (أحوله) عن الفطام فيأبى، قال: ولم؟ قالت: لأن عمر لا يفرض إلا للفطيم، قال: وكم له؟ قالت: كذا وكذا شهرًا، قال: ويحك لا تعجليه، فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلم قال: يا بؤساه لعمر، كم قتل من أولاد المسلمين؟! ثم أمر مناديًا فنادى: أن لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام وكتب بذلك إلى الآفاق(19).



4- الحديث أمانة

فالحديث الذي يدور بين الأصحاب والجيران أمانة، فيجب عدم إفشاء ما قيل في المجلس من أسرار، أو تحريفه بتغيير الكلام ليفيد معنى غير الذي قيل؛ فإن في هذا خيانةً للأمانة، وفي الحديث: "إذا حدّث رجلٌ رجلاً بحديث ثم التفت فهو أمانة"(20).



أما ما كان فيه من التعاون على الإثم والعدوان فيكون من الأمانة إفشاء هذه الأسرار، وذلك من باب تغيير المنكر والتعاون على البر والتقوى، وفي الحديث: "المجلس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: مجلس سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق" (21).



وكم من حبال تقطعت ومصالح تعطَّلت؛ لاستهانة بعض الناس بأمانة المجلس، وذكرهم ما يدور فيه من كلام، منسوبًا إلى قائله أو غير منسوب.



ويدخل في ذلك- أيضًا- إفشاء الأسرار الزوجية، فكثير من الناس يرى أن من علامات الفحولة والرجولة أن يتحدث أمام الناس عما يدور بينه وبين أهله من المعاشرة الجنسية!! هذه وقاحة حرَّمها الله؛ فعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرجال والنساء قعود عنده، فقال: "لعل رجلاً يقول ما فعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها!" فأزمَّ القوم (سكتوا وجلين) فقلت: أي والله يا رسول الله.. إنهم ليفعلون، وإنهن ليفعلن! قال: "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون" (22).



وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: "إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" (23).



5- ردُّ ودائع الناس أمانة

هذه الصورة من صور الأمانة هي الصورة التي يرى الناس فيها الأمانة أو الخيانة؛ فمفهوم الأمانة عند عامة الناس يقتصر على ردِّ الودائع لأهلها، وإن كان هذا المفهوم قاصرًا، إلا أن هذه الأمانة بالفعل من أخطر الأمانات؛ وذلك لأن النفس تضعف أمام شهوة المال، وخصوصًا إذا لم يكن لدى صاحب الوديعة ما يثبت له حقه، فحينئذٍ يسيل لعاب الإنسان للمال! فيعتبرها غنيمة.



عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة.. قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة وإن قُتل في سبيل الله- فيقال: أو أمانتك! فيقول أي رب: كيف وقد ذهبت؟! فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، وتُمثل له أمانته كهيئتها يوم دُفعت إليه، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها فيحملها على منكبيه، حتى إذا ظن أنه خارج زلّت عن منكبيه، فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عدها، وأشدّ ذلك الودائع" (24).



وقال عليه الصلاة والسلام: "لن تزال أمتي على الفطرة، ما لم يتخذوا الأمانة مغنمًا، والزكاة مغرمًا" (25).



هذه بعض صور الأمانة التي حثَّ عليها الإسلام، ومنها أيضًا الأمانة في النصح والمشورة، وتبليغ العلم، وحفظ العقل والجسم، وحفظ مال اليتيم من الأمانة.



وهكذا يتسع معنى الأمانة في الإسلام ليشمل كل شئون الحياة، من عقيدة وأدب ومعاملة وتكافل اجتماعي وسياسة حكمية رشيدة وخلق حسن كريم.



والأمانة بهذا المعنى وهذه الحدود سرُّ سعادة الأمم أو شقائها، ويوم كانت أمتنا من أصدق الشعوب في كل هذه الأمانات والوفاء بها؛ كانت أمتنا خير أمة أُخرجت للناس (26).

مقالات ممكن أن تعجبك :




من مواضيعى في فضائيات سبب نزول قوله تعالى: { أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا }
شبهة لغوية حول قوله تعالى: { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم...}
المناسبة في قوله تعالى: { وإذا ضربتم في الأرض...}
شبهة لغوية حول قوله تعالى: { إن رحمت الله قريبٌ من المحسنين }
التوفيق بين آيتين: الحسنة من الله، والسيئة من نفسك
من أوجه المناسبة بين سورتي آل عمران وسورة النساء

الكلمات الدلالية

من أخلاقنا الجميلة: الأمانة


أدوات الموضوع


الساعة معتمدة بتوقيت جرينتش +3 . الساعة الآن » 18:43.
Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

تابعنا على الفيس بوك جديد مواضيع المنتدى تابعنا على تويتر
DMCA.com Protection Status