الألوان في حياة الانسان وثقافات الشعوب

*HOB* · #1

الذوق والتذوق في اختيار الألوان
ينصح علماء النفس بعدم الخضوع المطلق لأذواقنا الشخصية عند اختيار الألوان،وهي التي تنم عن الكثير من ميولنا وطباعنا وعاداتنا في الحياة،فاللون الأزرق يعتبر من أنسب الألوان لغرف النوم، لأنه يساعد على الاسترخاء الذهني والعضلي، بينما ينصح بالابتعاد عن اللون الأحمر في غرف النوم، لأنه يؤدي إلى التنبه العصبي مما يؤدي بدوره إلى حالات الأرق وعدم الاسترخاء، بينما يصلح اللون الأحمر لتزيين غرف الدراسة والعاب التسلية. أما اللون الأخضر فيساعد على ازالة متاعب اليوم في دقائق قليلة،كما أنه – أي اللون الأخضر- من الألوان التي تلائم واجهات المحال التجارية،ليجعلها أماكن يدخلها الزبائن بطريقة تلقائية،وفي لندن تم طلاء جسر بلارك فراير باللون الأخضر ليؤدي إلى انخفاض نسبة حوادث الانتحار فوق هذا الجسر الى الثلث، اذ أعاد هذا اللون شيئا من السرور إلى النفوس اليائسة بعد أن كانت تفكر بالانتحار،وتشير دراسات علمية نفسية إلى استخدامه في شفاء الاضطرابات العقلية.أما اللون الأزرق فهو من أفتر الألوان وأقلها ايجابية،ويستخدم عادة للتخفيف من حالات التهيج والتأثر التي تصيب بعض النفوس، كما أنه يخفض من ضغط الدم ويهدئ النفس، ويقود إلى التأمل الباطني.

تناسق الألوان مع ابعاد السلوك الانساني
يشكل اللون جانبا من سلوك الإنسان الذي يتحدد بثلاثة أبعاد هي:البعد البيئي الخارجي والبعد الفسيولوجي الداخلي والبعد السيكولوجي الداخلي،وهو الذي يتضمن متغيرات كثيرة من بينها الانفعالات،اذ يرتبط اللون غالبا بالإحساس بالسعادة أو بعدم ذلك، ويفضل الناس ألوانا على أخرى،و تكون الألوان المتداخلة أقل تأثيرا من الألوان الأساسية النقية. يفضل بعض الناس الألوان البراقة ويفضل بعضهم الألوان الهادئة وغيرهم الألوان الداكنة، وتثير ألوان معينة استجابات انفعالية خاصة، فالأحمر يرتبط بالإثارة أو السخط، والأزرق يرتبط بالفرح الهادئ، والأسود يرتبط بالحزن والاكتئاب. أما من الناحية الثقافية فيتخذ اللون الأسود رمزا للحزن والوقار، ويلبس الناس عادة اللون الأسود بالمناسبات الرسمية والمواقف الجدية، ومنها مناسبات العزاء والحداد وخاصة بالنسبة للنساء، بينما هذا الرمز لا يتخذ في مجتمعات أخرى كالسودان والدول الأفريقية عموما، فيختارون اللون الأبيض لمثل هذه المناسبات، وكما يختار اللون الأحمر كما في الصين. وقد كان لللون الأسود دلالة خاصة في الثقافة العربية، عبرت عنها العديد من النتاجات العربية الأدبية الثقافية، لعل في مقدمتها قصة سيف بن ذي يزن وسيرة الأميرة ذات الهمة وحكايات ألف ليلة وليلة وسيرة عنترة بن شداد.

تأثر الألوان في إحاسيس الإنسان
تؤثر الألوان في إحساس الإنسان بالدفء أو البرودة، فبينما يعتبر اللون البرتقالي من الألوان الدافئة، يعتبر اللون الأزرق يعتبر من الألوان الباردة،مما حدى بأحدى الشركات الى طلاء جدران قاعة العرض لديها باللون الأزرق بعد أن كان لونها أبيضا، فأخذ الزبائن يشكون من أن القاعة باردة إلى درجة مزعجة، أدهش مهندس الصيانة في الشركة من هذه الشكوى، اذ أن حرارة القاعة لم تتبدل عما كانت عليه منذ شهر، الا أنه عمد الى طلاء الجدران نفسها باللون البرتقالي، وكذلك المقاعد، ولكن الشكوى عادت من جديد، انما بسبب الشعور بالحرارة الزائدة،على الرغم من أن درجة الحرارة الأصلية لم تتبدل، ولكن الذي تغيرهو لون المقاعد الذي اصبح برتقاليا، فعدل من الشعور بالدفْ، وانعدمت الشكاوى من البرودة بعد ذلك.

دلالات الاحصاء في دلالات الألوان
دلت الإحصاءات أكثر من مرة على أن اللون الأحمر والبرتقالي والأخضر أفضل الألوان للإعلان والترويج،أما اللونان الأزرق والبنفسجي فأنهما لا يصلحان لذلك،أما اللون الأصفر فهو لون عملي وربما من أفرح الألوان ويستعمل لمعالجة مرض النور ستينيا - أي الوهن العصبي- ويصلح هذا اللون –الأصفر- للغرف المعتمة، إلا انه لا يستعمل في الطائرات، لأنه يسبب الغثيان والتقيؤ لذلك تم استبعاده فيها كما يلاحظ.أما اللون البرتقالي فهو لون دافئ ومثير ويساعد على الشهية ويسهل عملية الهضم،ويعجل بشكل خفيف نبضات القلب،ويعتبر من الألوان المناسبة لغرف الطعام، كما أنه يناسب غرف الجلوس المعرضة بشكل سيئ للشمس، وعند مدخل البيت فيكون باعثا للرضا والسرور، ولا ينصح علماء النفس باستخدام اللون الأسود في ديكور المنزل، لأنه لون يبعث على الانقباض واليأس .

اثر الألوان في عواطف الانسان
أن لمظهر الألوان دور عاطفي واضح عند الأطفال يختلف عنه لدى الشباب، فالطفل يبتهج بالألوان الأساسية أيام الأعياد كالأزرق والأحمر والأصفر، وذلك للزينة وللتعبير عن حاجة غير اعتيادية في نفس الطفل، بينما يتخذ الشباب رموزا أخرى،كالأحمر رمزا للحب والفيروزي رمزا للأمل والأصفر رمزا للمجد. أما الكبار من الناضجين والمسنين وبعد تقلص الميول العاطفية في نفوسهم بحكم التقدم بالعمر فان الميل لديهم يظهر نحو الألوان الداكنة الجادة كالأسود والرمادي.

ألوان زاهية لأعلام خفاقة
تدخل الألوان الى أعلام الدول المختلفة بشكل حاد صريح وواضح، وتحمل تفسيرها في منظومة القيم الوطنية والاخلاقية العليا، فيقال أن «الأحمر» يشير إلى «التضحية والفداء» مثلا وأن «الأخضر» يدل على «العطاء أو الاستنبات» و»الأزرق» يدل على «البحر والمياه» و»الأصفر» يدل على «الصحراء بمداها و ثرواتها». و»الأبيض» على «الصفاء والإخلاص». ولقد اختارت كثير من الدول العربية الألوان الأبيض والأسود والأخضر والأحمر، وقد جمعت تلك الألوان كلها في أعلام الثورة العربية الكبرى والأردن وفلسطين وبنفس التصميم وقاربتها أعلام الكويت والإمارات العربية المتحدة، وفارقتها قليلا أعلام مصر وسوريا والعراق، وركزت الأخرى على اللون الأحمر كما في البحرين وقطر وتونس والمغرب وركزت السعودية والجزائر على اللون الأخضر.و يرى اللون الأزرق في أعلام الصومال وجيبوتي والأصفر في علم موريتانيا.أما الدولة العربية الإسلامية في بداية نشوئها فقد اختلفت بين العهود، فقد اختار الأمويون مثلا اللون الأبيض، بينما اتخذ العباسيون اللون الأسود لونا رمزيا لعهودهم.

مقالات ممكن أن تعجبك :

المصدر: الإبداع الفضائي - من قسم: معلومات عامة ، حدث في مثل هذا اليوم