ممارسات تضعف نسيج الأسرة

تشكل الاسرة حلقة الوصل بين الطفل والبيئة الخارجية ،وفي الوقت نفسه تشكل الاسرة الثقافة وتتشكل بفعلها ، كما تتشكل الاسرة بفعل المتغيرات المحيطة بها، وفي محيط الأسرة يؤثر الاباء على الابناء ويتاثرون بهم .والاسرة نظام اجتماعي محوري يشترك كل عضو فيه في نظم متعددة تتفرع عنه، وهي تتفاعل مع بعضها البعض، وينعكس تفاعلها في الترابط الاسري بين الاعضاء عندما تستقر العلاقات الاسرية والروابط، فان الاسرة تؤدي وظائفها بيسر، وتتحرر من التوترات بصورة نسبية وكما قال جان بياجيه:ان النمو المعرفي يتم بالتفاعل النشط والمؤثر مع البيئة ومن اهم عناصرها الاباء .



أركان بناء الأسرة ودورها

ان تأثير الوالدين على اطفالهما ليس بالقضية البسيطة والمباشرة، فالاطفال المضطربون يؤثرون على آبائهم بقدر ما يؤثرون آباؤهم عليهم.ان هناك عدم امكانية لمعالجة المشكلات الفردية من غير تحليل الاداء في اطار الاسرة،ومن غير المشاركة الفعالة للاسرة في العلاج سواء كانت المشكلات اكاديمية ام نفسية ام أي نوع من الصعوبات .
وفي ادراك اهمية دور الاسرة تجاه ابنائها، ينبغي التركيز على دور الاسرة وتماسك نظامها، واعطاء الاولوية للرعاية الاجتماعية داخل الاسرة،وتفهم دور الاسرة في اعطاء معنى الحياة لابنائها وشعورهم بالرضا في حياتهم .
كان «اريكسون» قد كشف في «نظرية النمو النفسي الاجتماعي» ان نوعية الرعاية من قبل الوالدين والراشدين الاخرين تحدد الى أي مستوى ستتطور لدى الطفل الثقة بالذات وبالمحيط. وكان» اسكنر» قد ابان في «النظرية السلوكية « أن الاسرة تشكل شخصية الفرد وسلوكه من خلال اساليب التعامل معه،وان تطوير الشخصية وتوجيه سلوكها في البيئة الطبيعية، باشراف الابوين يشكل الاساس والاهمية في تربية الطفل . فالعلاقة المتبادلة بين عناصر المثلث المكون من الاب والام والطفل كما قال أحد المتخصصين هي التي تحدد سلوك الطفل في المستقبل، وأكده غيره بالقول أيضاً ان شخصية الفرد تعكس حياته الاسرية، واساليب المعاملة الوالدية لها دور حيوي في تكيف الابناء وبتأثير طويل الامد،حتى انها تنعكس على اساليب معاملتهم لابنائهم في المستقبل . لذا فان مقدار الشعور بالامن الذي توفره الاسرة لابنائها يخلق مستوى الشخصية المتزنة والمنتجة،فالاسرة كما يعتبرها الخطيب قاعدة التعلق والارتباط الانساني،والارضية الامنة التي يطل منها الانسان على العالم الخارجي، والعامل الرئيسي الذي يرتبط بطبيعة ادراك الفرد لذاته وادراكه لعالمه الكبير.اذ ان الكثير من خياتنا و عواطفنا ومشاكلنا تمتد جذورها في الحياة الاسرية .

جرائم داخل الأسرة.. لماذا؟

يتزايد الاستهجان من ذاك الفعل الشنيع الذي يجهز فيه الأب على زوجته أوعلى أبنه، او يقضي على أسرة بكاملها في لحظات معدودة. ليست جميع حالات القتل تلك، ترجع إلى ذات الدوافع والأسباب، كما انه ليست الدوافع الآنية الظاهرة هي السبب الحقيقي لحدوث الجريمة المركبة التي تحدث. اذ يمكن أن تشكل حالة الكبت لدى المجرم إحد الدوافع، فهو يكظم غيظه ويواري حنقه لمدة طويلة وتحت ظروف عسيرة أو آلام نفسية، لتخرج أو لتنبثق،ولم يعد هناك مجال للتحمل، فتدفع صاحبها إلى فعل شيء مضاد، ضد نفسه أو ضد الأقربين، داخل البيت الواحد، أو العائلة ذاتها. ربما تكون آفاق هذا الضعف ومكوناته تتصل بالفشل في تحقيق النجاح والطموح، أوالحالة النفسية المرضية كانفصام الشخصية أوالهستيريا أوالنزعة العدوانية وحب الإيذاء .وربما تلقي الاضطهاد أو الإيذاء من المحيطين كالأب القاسي أو الزوجة الاضطهادية أو زوجة الأب المتجبرة،أوالشعور بالإذلال والاحتقار من قبل الآخرين نتيجة فعل مشين أو خطأ فادح،يتصل بالفاعل شخصيا أو أسرته أو عشيرته،أوالعيش في حالة بؤس إذا أفضت إلى حقد على الآخرين وسخط على المجتمع.وكذلك التدين الى حد التزمت وسط محيط غير متدين وشعور الفاعل بأنه غير قادر على ردع المحيطين، كالأب يتعاطي المخدرات والمسكرات،أو الأخوات لا يلتزمن بالبيئة المحافظة، أوالأم المستهترة.أوحدوث الاكتئاب الشديد والنظر إلى الحياة بسوداوية،ولا تستأهل العيش، وأن انتظار الأجل لمدة طويلة أمر لا يحتمل .
فيظل الفاعل تراوده أفكار شتى شريرة للخلاص من آلامها وعذاباتها ومنغصاتها حتى إذا ما استقر رأيه وانعقدت نيته على الخلاص منها عن طريق إنهاء حياته ذاته أو وضع حد لحياة الأقربين المحيطين به كتعبير حاد عن سخطه على هذه الحياة برمتها،اندفع باتجاه الحل الشنيع باستخدام إحدى الوسائل الفاتكة بالأرواح،وحيث يدخل هؤلاء المحيطون الأقربون ضمن إطار العوامل والمسببات التي أوصلته إلى الحالة البائسة المقلقة المتعبة. .


إطلاق النار بالأعراس

تتمثل دوافع هذه الظاهرة بالتعبير عن الفرحة والابتهاج بالمناسبة ونرى الآباء يداعبون الابناء منذ صغرهم ويقولون بانهم سوف يطلقون في اعراسهم مئات الطلقات، ويتصل بذلك ايضا اسماع الجميع من في القرية او الحي بالمدينة ان فلانا يقيم حفل زفاف لولده وهنا تأخذ معنى الدعوة للاصدقاء لكي يحضروا الى الساحة ويشاركوا بالدبكة والاهازيج وقد تكون لاستفزاز جهات أخرى لا نبادلها الود من العشائر والجيران وحتى ابناءالعمومة.اما الدوافع غير الظاهرة فيمكن ردها الى التعبير عن القوة والحزم والرجولة والسعي الى الحصول على انطباع حميد في ذلك من الآخرين، او هو تعبير عن حقد دفين او نقمة كامنة لم يعبر عنهما بممارسة القوة في حينه. او للمباهاة بان ممارسها يبذخ وينفق في مناسباته العائلية.
اما ان تاثيراتها فكارثية ان اصابت عن طريق الخطأ انسانا يشارك بالاهازيج والدبكة او يتفرج على الحفل او في مكان بعيد قليلا وربما يكون العريس هو الذي يصاب بتلك الرصاصة الطائشة فتكون الحادثة مؤلمة. ان اطلاق النار يشكل اخلالا بالأمن وازعاجا للسكان وتهييجا لعواطف المحيطين وخسارة على الممارسين وارهاقا لاعصابهم بشكل مزعج ولا مبرر له اطلاقا.وليس لهذه الممارسة اية مشروعية،وهي ممارسة مؤذية بكل المقاييس اقلها احداث الازعاج واقلاق الراحة والتوتر والتخوف.وللآسف ما زالت الممارسة قائمة، وان خفت بشكل كبير، وهناك تشديد عل هذا الفعل من حيث العقوبة وضبط المخالفات،ولكن النزوة ما تزال والانفعال المؤدي الى المخالفة والتعمد بالمخالفة الى حد التحدي وفي ذلك شكل من اشكال التعبير عن الشجاعة والرجولة اضافة لوجود ميل قوي للتجاوز والتمرد والمخالفة في صفوف المجتمع الأردني.
نداء إلى كل أسرة

لعل ما ورد فيما سبق يشكل نداء الى كل اسرة في مجتمعنا المتآلف، بأن تعنى بتربية ابنائها وتوجيههم وتعويدهم عل ممارسة التواد والتـالف والتعاون مع الآخرين كبارا وصغارا وتجنب كل اسرة مشاعر ابنائها من التوجه نحو الحقد والضغينة والكراهية والعدوانية وتنشئتهم على الخلق القويم وتبصيرهم بسواء السبيل.

المصدر: الإبداع الفضائي - من قسم: معلومات عامة ، حدث في مثل هذا اليوم