الإبداع الفضائي

الإبداع الفضائي (https://www.fadaeyat.co/)
-   أخبار الشرق الأوسط والعالم (https://www.fadaeyat.co/f218/)
-   -   أهم عناوين الصحف التونسية الأحد 16 نوفمبر 2014 (https://www.fadaeyat.co/fadaeyat85290/)

New Sat 24 محرم 1436هـ / 16-11-2014م 06:49

أهم عناوين الصحف التونسية الأحد 16 نوفمبر 2014
 
اخبار تونس اليوم مباشر عاجل الآن 16/11/2014

كان لقرار حركة النهضة التونسية عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في الثالت والعشرين من شهر نوفمبر الحالي أكثر من دلالة. الأولى هي أن حركة النهضة استطاعت أن تقرأ المشهد السياسي بحكمة وعناية وأن تعتبر من التجربة المصرية فكانت أكثر دهاء وحكمة من نظيرتها المصرية، وفوتت بالتالي الفرصة على الكثير من المتربصين بها في داخل تونس وخارجها والذين هدفوا ولا يزالون إخراجها من العملية السياسية.
https://www.fadaeyat.co/vb/storeimg/i...109799_568.jpg


القرار الصائب للنهضة هو امتداد للنهج البراغماتي والواقعي في التعامل مع الإرهاصات والمناكفات التي حصلت قبل و بعد فوزها الساحق في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي جرت في نوفمبر 2011 وتسلمها رئاسة الحكومة.
ولعل أن النهضة بقيادة المفكر الشيخ راشد الغنوشي أدركت ومنذ ثورة الربيع العربي وصعود نجم قوى الإسلام السياسي في المنطقة ثقل وضخامة التحديات التي تواجهها كحركة إسلامية في ظل وجود العديد من القوى الإقليمية والعربية التي سعت لإفشال تجربة الإسلاميين في الحكم في أكثر من بلد عربي فتمسكت بسياسة ضبط النفس ونأت بنفسها وكوادرها عن ردات الفعل الغرائزية تجاه محاولات فلول نظام زين العابدين بن علي البائس جرها الى المواجهة والدخول في أتون العنف المجتمعي سيما عقب اغتيال المناضل اليساري شكري بلعيد، وهي جريمة استهدفت إفساد العرس الديمقراطي التونسي. وبهذا استطاعت النهضة أن تفوت الفرصة على من أراد استنساخ التجربة المصرية في تونس عبر إقحام الجيش في السياسة وحظر حركة النهضة والقيام بتموقع سياسي لأيتام الرئيس المخلوع من بوابة حماية الديمقراطية والدولة المدنية من خطر الإسلاميين.
الدلالة الثانية وهي أن حركات الإسلام السياسي لا تمثل منظومة متجانسة من حيث الاستراتيجية السياسية ومحاور الفكر وأنها تتفاوت في التفكير والتكتيك والمواقف حتى وان خرجت جميعها من مشكاة واحدة وتجتمع على هدف “إقامة حكم الله في الأرض”. فقد أثبتت حركة النهضة ومن خلال مواقفها قبل وبعد الربيع العربي انها ليست كغيرها من الحركات الإسلامية التقليدية من حيث قبولها بالتعامل مع مكونات المجتمع السياسية الأخرى كالقوى العلمانية واليسارية، وقدرتها على التعايش مع جميع القوى والأحزاب واحترام رغبات الشعب التونسي التي عبر عنها في انتخابات 2011 و2014 . بل أن ما ميز حركة النهضة عن نظيراتها في بلاد الشام على سبيل المثال هو امتناعها عن استخدام الخطاب الديني بما يملكه من قوة تأثير طاغية على وجدان وضمائر المسلمين، وسيلة للتجييش والتحريض ضد ممن يخالفونهم الرأي أو منفذا لإقصائهم أو منبرا لادعائهم احتكار الحقيقة
كل هذا جعل حركة النهضة رائدة “للجناح التقدمي” في حركات الإسلام السياسي وأثبت بطلان النظرية المزعومة والقائمة على الطلاق البائن بين الإسلاميين والديمقراطية، وأن الإسلاميين لا يستخدمون الديمقراطية إلا كوسيلة للانقضاض عليها وتقويض أساسات الدولة المدنية وهدم مكوناتها واستبدالها بثيوقراطية دينية تقمع الفكر والابداع وتقيد الحريات الشخصية والدينية باسم الدين.
وعلى الرغم من ان تجارب الإسلاميين المحدودة في الحكم لم تكن ناجحة بشكل عام لأسباب خارجية أكثر منها داخلية، فلقد استطاعت حركة النهضة خلال وجودها القصير ضمن ترويكا الحكم إثبات التزامها التام بثوابت الدولة المدنية العلمانية، وامتنعت عن إحداث اية تغييرات في البنية التحتية للدولة، كما حاول الإخوان في مصر، وكما فعلت ثورة الإنقاذ في السودان. ولعل إمعان النهضة في التسليم بمبادئ الديمقراطية بما تعنيه من حكم الأغلبية واعلانها بقبولها التام غير المشروط بمصطلح التداول السلمي للسلطة جلب لها الكثير من حملات النقد اللاذع والتخوين من بعض صقور الإسلاميين كالشيخ وجدي غنيم الذي رأى أن اخوان تونس “ضحوا بالإسلام من أجل الديمقراطية”، وأن الشيخ الغنوشي ذهب بعيدا في مجاملة العلمانيين على حساب قواعد القرآن والسنة.
بيت القصيد هنا أن حركة النهضة أثبتت أن الإسلام السياسي برغم ما يعانيه في مصر وغير بلد عربي قادر على أن يصمد في وجه العاصفة، وأن يعيد ترتيب أوراقه خاصة إذا ما تسلح قادته وأنصاره باستراتيجية واقعية رزينة بعيدة عن شعارات النزق والتأزيم.


الساعة الآن » 10:30.

Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd