الإبداع الفضائي

الإبداع الفضائي (https://www.fadaeyat.co/)
-   معلومات عامة ، حدث في مثل هذا اليوم (https://www.fadaeyat.co/f4/)
-   -   غزة: "مدينة الأنفاق" تتهاوى وأحلام الشباب تدفن تحت رمالها المتحركة (https://www.fadaeyat.co/fadaeyat9523/)

زيزو 7 شعبان 1430هـ / 29-07-2009م 17:45

غزة: "مدينة الأنفاق" تتهاوى وأحلام الشباب تدفن تحت رمالها المتحركة
 
غزة: "مدينة الأنفاق" تتهاوى وأحلام الشباب تدفن تحت رمالها المتحركة








الأربعاء 29 / 07 / 2009 م




مرة بعد مرة تتهاوى مدينة الأنفاق، بعد أن تضاعف عددها، وقصرت المسافات بينها، إضافة إلى اسباب اخرى تزلزلها من يوم إلى آخر، اهمها القصف الإسرائيلي، أو التفجيرات التي يتم من خلالها تدمير الأنفاق المكتشفة.

سبعة شبان قضوا خلال اليومين الماضيين، بعد أن رشح نفق مخصص لتهريب الوقود على نفق أسفل منه محدثاً حفرة تسرب من خلالها "البنزين" إلى النفق الآخر، في وقت كان عدد من عمال الأنفاق يقومون بعملهم اليومي داخله، ما أدى إلى وفاة سبعة منهم وإصابة آخرين.

"ش" القيسي (40 عاما) الذي يعمل في الأنفاق أكد أن تسرب البنزين إلى أي نفق يعني الاختناق الكامل، ويلفت إلى ما حدث في النفق المنكوب، موضحا أن الشبان القريبين من فتحة النفق تمكنوا من الهروب سريعاً، فيما فقد القريبون من التسرب الوعي مباشرة وباتوا كالسكارى حتى اختنقوا تماماً.

وأوضح أن الذين يختنقون جراء تسرب البنزين في أنفاق محفورة على عمق يزيد عن 30 متراً تحت الأرض قليلة التهوية يفقدون الأكسجين ويصابون بالاغماء جراء استنشاق البنزين ويصبحون عنيفي الطبع بشكل جنوني، وإن لم يتم إنقاذهم خلال خمس أو ست ساعات يختنقون تماماً مع انتهاء بقايا الأوكسجين داخل النفق.

وعدا على ذلك يقول القيسي إن القتلى السبعة في النفق أصيبوا بتسلخ في أجسامهم، واحمرت جلودهم، ومزق بعضهم وجوههم بأظافرهم، وما لديهم من معدات كانوا يستحدمونها في العمل جراء حالة الهستيريا والتشنج التي أصابتهم جراء استنشاق البنزين، وغيابهم عن الوعي واختناقهم البطيء، الذي يؤدي إلى فقدان السيطرة على أي تصرف يقومون به.

وأكد الأطباء في مستشفى أبو يوسف النجار التي ينقل إليها عادة الجرحى وجثث القتلى من الأنفاق أن حوادث الاختناق بالبنزين ينتج عنها تشوهات في الجسد نتيجة المركب الكيمائي القوي للبنزين وإصابة الضحايا بحالة هستيرية.

وأوضح القيسي أن الأصدقاء القتلى يوسف معمر (20 عاما) وطارق سمير قشطة (23 عاما) ومحمد المغاري (36 عاما) وسامي سعيد قشطة (33 عاما) كانوا داخل النفق يكملون حفره وتوسيعه عندما انفجر فوقهم نفق لتهريب البنزين فتسرب إليهم بغزارة، مشيراً إلى أن القتلى الثلاثة الآخرين هم من المنقذين الذين دفعتهم الشهامة والصداقة للنزول إلى داخل النفق بإمكانات إنقاذ بسيطة أملا في إنقاذ أصدقائهم.

ولجأ الفلسطينيون إلى الأنفاق باطراد مع تشديد إسرائيل حصارها العسكري على قطاع غزة بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة منتصف حزيران 2007، وأصبحت الأنفاق ظاهرة علنية لها قوانين، وإن لم تكن مكتوبة، حتى بلغ الأمر بكتلة "حماس" في المجلس التشريعي إلى عقد جلسة خاصة لمناقشة الأنفاق وقوانينها وما أخذ العامة بالتندر به بــ "وزارة الأنفاق".

وأوضح رمزي (25 عاماً) أحد شهود العيان على حادث النفق الأخير وأحد عماله، أنه يرى الموت كل يوم أثناء عمله تحت الأرض، مشيراً إلى أنه وباقي طاقم العمل مجبرون على ذلك بحثاً عن لقمة العيش.

وقال: إنه يحاول أن يجد عملا آخر يمنحه فرصة للحياة والسعادة، بعد أن بات لا يعرف سوى الظلام تحت الأرض، والهواء غير النقي، والموت على مدار الساعة، واضاف بألم: "أنا من شريحة الشباب الذين وجدوا مستقبلهم تحت الأرض بعد أن فقدوه فوقها، ويئسوا من أحلامهم بعد أن باتت أضغاثا وسرابا يستحيل الوصول إليه.

وخلال متابعنا للحدث كانت سيارة اطفاء تقف أمام النفق وعدد من رجال الأمن الوطني يحاولون تسهيل عمل المنقذين وإبعاد المواطنين المحتشدين عنهم، في مشهد مؤلم جراء انعدام وسائل الإنقاذ الحيوية لنشل من تبقى على الحياة في الأنفاق أو جثث من قضوا فيها، إذ تمثلت الوسائل المتوفرة بأسطوانات أوكسجين يصطحبها معه من يتطوع للإنقاذ تحت الأرض، لا تكفيه لأكثر من عشر دقائق، ما يلبث أن يغادر سريعاً قبل أن تفرغ، كما ابتدع أصحاب الأنفاق وسيلة أخرى، عبارة عن خرطوم طويل يتم تمرير الهواء عبره إلى أنف المنقذ من خلال "كومبريسر" مهمته دفع الهواء داخل الخرطوم للمنقذ الذي يقوم بتسليك الخرطوم معه داخل النفق مسافة لا تقل عن 400 متر وسط خطر داهم .

وأكد رئيس عمليات الأمن الوطني في رفح أبو صلاح (35 عاماً) أن الإمكانيات الموجودة لديهم لإخلاء المصابين من داخل الأنفاق بدائية جداً وكذلك لدى الدفاع المدني، بسبب الحصار الإسرائيلي الذي كان السبب الرئيس لتأسيس الأنفاق برفح، مشيراً إلى أنهم يبذلون كل جهد ممكن لمساعدة المصابين واخلائهم من داخل النفق.

وأوضح أن الأنفاق بحد ذاتها مواقع خطيرة، والمشكلة الأكبر في تضاعف عددها في مساحات صغيرة، ما يسبب انهيارات رملية للأنفاق، أو رشحها على بعضها بعضا.

ويشكو أحمد (27 عاماً) المساهم في نفق حدودي من الإجراءات الأمنية المصرية الصارمة التي دفعته إلى زيادة طول نفق إلى 400 متر باتجاه مصر بعد أن وصل عمله في النفق إلى المرحلة الأخيرة، مشيراً إلى أن الإجراءات الأمنية ضد الأنفاق دفعته إلى زيادة طوله باتجاه الجانب المصري حتى يتمكن من إخفائه عن أعين الأمن هناك.

وقال: كلفنا حفر النفق نحو مئة ألف دولار أميركي، ويحتاج إلى عشرين ألف دولار أخرى لافتتاحه، ولم ندخل منه شيء، مشيراً إلى أنه توقف عن الحفر لمدة شهر بعد أن تم قصف النفق خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

ويشير أحمد ألى أنه بعد تخرجه من الجامعة قبل ثلاث سنوات لم يجد عملاً مناسباً له في قطاع غزة، فأخذ يفكر في حفر نفق بصحبة عدد من زملائه حتى وجد شركاء له للبحث عن حظهم في العمل بالأنفاق، لافتا إلى أن العمل في الأنفاق لم يعد كالسابق، مستبعداً أن تعود المرحلة الذهبية التي عملت فيها الأنفاق إلى سابق عهدها.

وأضاف أن العمل في الأنفاق قبل الحرب الإسرائيلية كان مريحاً جداً ومربحاً جداً، لكنه مع زيادة المتابعة الأمنية أصبح معقداً جداً ومكبداً للخسائر.

وحسب أحمد وبعض مالكي الأنفاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة فإن تجارة الأنفاق تشغل أكثر من 6000 عامل بشكل مباشر، فيما أصبحت السوق المحلية تعتمد بشكل كبير على البضائع التي تمر عبر الأنفاق، خاصة خلال الأشهر الأخيرة.

ويشير أحد الشباب الذين يعملون لدى أحمد إلى أن هناك صفات يجب أن تتوافر في حفار الرمل، وهي البنية الفولاذية القوية والجرأة والصلابة والثقة بالنفس، إضافة إلى القدرة على التحمل والصبر، منوها إلى أنها لم تعد مربحة كأول عهدها، فمنهم من يحصل على 60 شيكلا، وهم من يعملون عند فتحة النفق، أما من يحصلون على مئة شيكل فهم من يعملون داخل النفق، ولا مفر أمامهم سوى العمل في أخطر المهن ليجدوا ما يطعمون به الأفواه الجائعة التي بانتظارهم وإعالة أسرهم.

وأوضح محمد (26 عاماً) أحد عمال الأنفاق أن الحياة المعيشية في قطاع غزة باتت صعبة جداً، مشيراً إلى أن قلة العمل دفعته للعمل في مهنة الموت وتحمل كل مخاطر الأنفاق.

وقال إنه كل صباح يودع أمه وزوجته ويطلب منهما السماح، مشيراً إلى أن شعورا داخليا يراوده باستمرار بأنه لن يرجع للبيت مرة أخرى، ونهايته ستكون تحت رمال حارقة أو وسط غاز خانق، فقد مات الكثير من الشبان هكذا، لافتاً إلى أنه تعرض للموت ثلاث مرات، لكنه عاد للعمل.

وعن كيفية استنشاقهم الهواء تحت أمواج من الرمال يوضح محمد أن هناك عدداً من مضخات الهواء فوق النفق على مسافات مختلفة يتم تشغيلها لمدة ربع ساعة كل ساعة، لتزويد من هم تحت الرمال بالهواء عبر خراطيم تنعش الرئتين وتزودهم بالأكسجين إلى وقت محدد، ثم يتم تشغيل هذه المضخات بين حين وآخر على التوالي.

وللاطمئنان على باقي الفريق على طول النفق يقول محمد إن ذلك يتم في الظروف العادية بالاتصال عبر هاتف معلق على جدران الرمال للاطمئنان على بعضهم بعضا والتواصل، ومتابعة جلب البضائع من عين النفق في رفح المصرية إلى الجانب الفلسطيني.

ويتم سحب البضائع وفقاً له عبر "البايلات" وهي صفائح بلاستيكية مرفوعة الغطاء تتصل ببعضها بعضا بواسطة حبل طويل يتم سحبه من عين النفق إلى العين الأخرى بواسطة موتور ملفوف عليه حبل طويل.




Scorpionjor 7 شعبان 1430هـ / 29-07-2009م 19:12

شكرا لك على الخبر
بارك الله فيك على هذا المجهود
دمت بحفظ الله ورعايته


الساعة الآن » 02:20.

Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd