جاء العيد، وبات الصائم في عيد فطر إلهي مميز ؛ ذلك انه يأتي بعد مشقة صوم شهر رمضان المبارك.
https://www.fadaeyat.co/up/images/958...0390298086.jpg
ها هي ايام شوال تتبارى بالتسارع ويغيب شهر المغفرة ونحن في سهو وجريان وحياة طاحنة!
ومع هذا الغياب ..نحس ما ضاع من أيام الرحمة والنجاة.
..وفي التفاته على ما غاب، اذكر الطفل «يتيم الأب»، الذي بكى ليلة قالت له امه ان اليوم التالي لا صيام فيه.
لم تجد الام ما تعمله لتخفيف دموع الطفل التي اطلقها، يرنو نحو السماء بصفاء نجومها الصيفية.
..الصغير ادرك ان لكل خير دوام وان بدا له نهاية..وقرأ ما جاد به الاثر من دعاء في وداع رمضان الخير، واستقبال العيد.
..ما بين دمعة واخرى كان يبتهل في شجن:
اللهم إنا نحمدك،
اللهم إنا نحمدك..كل الحمد!
ونستعينك، ونستغفرك، ونستهديك.
ثم طاف على بقايا البيت المتهالك وتابع جودة الدعاء:
..يا الله نثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفربك ولا نسمح بالكفر لأننا في رضاك نحيا.
اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره.
اللهم لك الحمد أن يسرت لنا إتمام القرآن، والتوفيق للصيام والقيام.
اللهم لك الحمد على نعمك العظيمة، وآلائك الجسيمة؛ حيث أنزلت علينا خير كتبك، وأرسلت إلينا أفضل رسلك، وشرعت لنا أفضل شرائع دينك، وجعلتنا من خير أمة أخرجت للناس .
وبين صفو وبكاء وزهد وألم ، نظرت الأم الى الصغير وبدأت تردد معه الدعاء :
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم. اللهم اجعلنا ممن يقرأ القرآن فيرقى، ولا تجعلنا ممن يقرأ القرآن فيشقى. اللهم اجعلنا لكتابك من التالين، ولك به من العاملين، وبالأعمال قائمين، وبالقسط قائمين، وبالأعمال مخلصين، وعن النار مزحزَحين، وفي الجنان مخلَّدين، وإلى حوض نبيك واردين، وإلى وجهك ناظرين، وعلى الصراط عابرين.
لا إله إلا الله عدد ما مشى فوق الأرضين ودرج، والحمد لله الذي بيده مفاتيح الفرج، لا إله إلا الله! ولا نعبد إلا إياه، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ .
وكانت - في سرها-الآية 14من سورة غافر، ترد روحها ؛ مسحت على راس اليتيم ونامت لانها على موعد مع العيد..ومنه الموعد الصابر على جمر الحاجة واحوال الزمان والمكان.
..ومع ألق العيد ، ومسير الناس في الاحياء والاسواق، من بعد رمضاء الصوم ، حارت بهم الاماكن وتنابوا الحياة ومظاهر التسوق للعيد ونصبت موائل الترفية الشعبية من سحاسيل ومراجيح وجادت المقاهي الكثيرة برواد السمر والسهر.
انها خواتم الامور يبدو كأنها نائمة في سرها وتتناثر على صفو الفرح والمحبة.
انها ايام العيد ، اللهم من كان فيها خير وبر ورحمة فاجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب، وما أنزلت فيها من شر وبلاء وفتنة فاصرفه عنا وعن المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم أنت أحق من عُبد، وأحق من ذُكر، وأرأف من مَلَكَ، وأجود من سُئل، وأوسع من أعطَى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، لن تطاع إلا بإذنك، ولن تُعصى إلا بعلمك، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حُلْت دون النفوس، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآجال، القلوب لك مفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت .
..هي الاماكن ورونقا مع نور العيد وحكايات خزنتها ذاكرة الامم والشعوب فيما تحتفي.
عيد الفطر جنة الصائم البادي بالمغفرة..
والرضا والزهد..والذي ترك في اثر الغائب بعض من دمع وعطر ومحبة.